بين وعود الحكومة وصمود المدرس… أي أفق؟

توشك السنة الدراسية على نهايتها، مثقلة بإرث ثقيل من الإضرابات والوقفات الاحتجاجية التي قادتها نقابات التعليم الجادة، في مشهد نضالي صادق يعكس حجم الاحتقان والغضب المتراكم في صفوف المدرسين. أولئك الذين رفضوا الانخداع ببريق الشعارات الزائفة، وكان آخرها ما سُمي بـ”لجنة صندوق سكن المدرس”، التي سرعان ما انكشف أنها ليست سوى محاولة مكشوفة لشراء الوقت، وتسكين الألم بدل معالجته.
لقد بدت هذه اللجنة أشبه بمسرحية رديئة الإخراج، لم يكن الهدف منها سوى تهدئة الساحة التربوية بمسكنات لفظية، بينما يرزح المعلمون تحت وطأة أوضاع مادية ومعنوية خانقة، في ظل غياب تام لأي حلول واقعية أو إرادة إصلاح حقيقية.
لكن في المقابل، ما يزال شرفاء المدرسين على العهد، صامدين في مواقعهم، متمسكين بحقوقهم، رافضين الاستسلام، مؤمنين بأن الحقوق لا تُمنح، بل تُنتزع بالنضال الواعي والمثابر. هؤلاء هم من يحملون صوت زملائهم المنهكين، ويقفون في وجه آلة التجاهل الرسمية التي تزداد برودًا وتجاهلًا لمعاناة من يُفترض أنهم عماد الإصلاح.
فكيف لحكومة تُهمل المعلم وتهمشه أن تحلم ببناء وطن مزدهر؟ إن الاستهتار بالمكانة المادية والمعنوية للمدرس ليس مجرد خلل إداري ، بل قنبلة اجتماعية موقوتة. فمن يزرع اليأس في نفوس المعلمين، إنما يُعدّ الأرض لتفشي الجريمة، وتغلغل الرشوة، وانتشار الانحلال، وتفكك المجتمع.
واليوم، ونحن على أعتاب ما يُروّج له على أنه انتخابات نقابية، تُطرح تساؤلات جدية: هل ستكون هذه العملية خطوة فعلية لتنقية الحقل النقابي وإعطاء الكلمة للمدرسين لاختيار ممثليهم بحرية وشفافية؟ أم أننا أمام فصل جديد من فصول الإلهاء المنظم، ونسخة أخرى من الوعود المتجددة التي لا تغادر حيز الشعارات؟