رابطة معيلات الأسر:ضعف القوانين الرادعة هو السبب الرئيسي في تفاقم جرائم الإغتصاب
بيان حول العنف ضد المرأة
من المؤلم في السنوات الأخيرة تفاقم العنف ضد المرأة، بما في ذلك العنف الجسدي والنفسي، خاصة جرائم الاغتصاب، وهو أمر يتنافى تمامًا مع قيم و تعاليم ديننا الحنيف. هذه الظاهرة لا تقتصر على انتهاك حقوق المرأة فحسب، بل تضعف أيضًا بناء الأسرة و تهدد أمن المجتمع وسكينته.
عندما تُرتكب جريمة اغتصاب، يتمكن الخبر من إثارة مشاعر الغضب والاستنكار لدى المجتمع. تتعاطف وسائل الإعلام والجماهير مع الضحية، وتعلو أصوات التضامن والمطالبة بالعدالة. في بعض الأحيان، تكون هناك مظاهرات واحتجاجات تطالب بمعاقبة الجاني، وتنتشر العبارات الداعمة لحقوق المرأة في كل مكان. ولكن هذه الأصداء لا تستمر طويلاً، حيث يتراجع الاهتمام تدريجيًا، وتبدأ الأمور في العودة إلى مجراها الطبيعي، ليتم نسيان القضية مع مرور الوقت.
من أكثر الأسباب التي تساهم في تكرار جرائم الاغتصاب وعدم محاسبة مرتكبيها هي غياب أو ضعف القوانين الرادعة وعدم المطالبة بالحق المدني، ضعف النظام القضائي، أو تدخلات اجتماعية غالبا ما تدفع الضحية إلى سحب شاكيتها.
من جهة أخرى، تواجه بعض الضحايا صعوبة في تقديم الشكاوى بسبب الخوف من العار الاجتماعي أو الانتقام من الجاني. وقد يكون عدم وجود قوانين تحمي الضحايا بشكل كافٍ، أو غياب الدعم القانوني والمجتمعي للنساء اللواتي يتعرضن للعنف، من أبرز العوامل التي تسهم في تسهيل إفلات المجرمين من العقاب. في بعض الحالات، قد يتسبب غياب التشريعات الصارمة في حماية الجناة من الملاحقة القانونية، ويظل الجاني طليقًا ليواصل ارتكاب الجرائم.
إن غياب المحاسبة الفورية للجاني لا يُضر بالضحايا فقط، بل يهدد المجتمع ككل. فعندما يشعر الأفراد بأن القانون لا يُطبق بحزم، يتعزز الشعور بعدم الأمان وتقل الثقة في مؤسسات الدولة. كما أن هذا الظلم القانوني يساهم في استمرارية العنف في المجتمع، ويشجع الجناة على ارتكاب المزيد من الجرائم.
أما الضحية، فيتم إضعافها نفسيًا، لأنها تجد نفسها في مواجهة عالم لا يهتم بحقوقها ولا يضمن لها العدالة. وقد تؤدي هذه الحالة إلى شعور بالإحباط وفقدان الأمل في النظام القضائي، ما يعزز الإحساس بالعزلة والخوف من التبليغ عن الجريمة. كما قد تؤثر هذه التجارب على صحتها النفسية بشكل طويل الأمد، مما يزيد من تعقيد عملية التعافي والتأهيل.
لكي لا تفلت جرائم الاغتصاب من العقاب، من الضروري وجود قوانين صارمة تجرم هذه الأفعال بشكل واضح وتحدد عقوبات رادعة لا تقبل المساومة. يجب أن تُعزز هذه القوانين بوضع آليات فعالة لضمان تطبيقها على أرض الواقع، مثل محاكم متخصصة في قضايا العنف الجنسي، دعم قانوني للضحايا، خدمات طبية ونفسية للمساعدة في تعافيهن، وكذلك تثقيف المجتمع حول حقوق المرأة وأهمية الوقوف إلى جانب الضحايا.
لا بد من إنشاء أنظمة قضائية سريعة وفعّالة، بحيث يتم محاكمة الجاني في وقت مناسب، مما يقلل من فرص تأثير الضغط الاجتماعي أو السياسي على سير القضية. ويجب أيضًا أن تكون هناك حماية لحقوق الضحايا طوال مراحل التحقيق والمحاكمة، بحيث لا يُجبرن على مواجهة ضغوط نفسية أو اجتماعية قد تثنيهن عن تقديم شهاداتهن.
إن المجتمع الذي يغض الطرف عن جرائم العنف، ويترك الجناة يفلتون من العقاب، هو مجتمع غير آمن وغير عادل. لن يكون هناك مجتمع آمن وحر إذا لم يُحترم فيه حق الأفراد في العيش بكرامة وأمان، وبدون العدالة، ستستمر جرائم العنف في هز أركان المجتمع وتهديد استقراره.
في النهاية، العدالة يجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي لأي مجتمع، وبدونها، سنظل نعيش في دائرة مفرغة من العنف والظلم.
والله ولي التوفيق،
رابطة النساء معيلات الأسر