بقلم /احمد العالم …الحوار السياسي في موريتانيا: ضرورة أم ترف؟

مع تطور الأحداث السياسية في موريتانيا، يتبادر إلى الأذهان تساؤل مهم: هل نحن فعلاً في أزمة سياسية تستدعي الحوار؟ ومن الناحية الأخرى، هل قدم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني تعهدًا انتخابيًا بإجراء حوار سياسي في حال فوزه في الانتخابات الماضية؟
للإجابة على هذا التساؤل، يجب أن نبدأ بتقييم الحالة السياسية الحالية في البلاد. رغم أن الرئيس الغزواني تم انتخابه بأغلبية مطلقة، إلا أن الفترات السياسية عادة ما تكون محكومة بتغيرات داخلية وخارجية. الأزمات قد تظهر في أي وقت، سواء كانت نتيجة لمطالب اجتماعية، تضخم، تراجع في الاقتصاد، أو مشكلات أخرى. وبالتالي، فإن الحوار السياسي يمكن اعتباره ضرورة لوضع حلول فعالة ومستدامة لتلك التحديات.
أما بالنسبة لوعد الرئيس بإجراء الحوار، فمن المعروف أن العديد من القادة السياسيين يعطون العهود قبل الانتخابات لكسب تأييد الناخبين. وفي حالة محمد ولد الشيخ الغزواني، فإن التصريحات حول الحوار قد تكون سببا للجذب الانتخابي، إلا أنه يتحتم على القيادة أن تتبع ذلك بأفعال ملموسة لإشراك جميع الأطراف، بما في ذلك المعارضة والمجتمع المدني.
لكن، ما هي الفوائد الحقيقية من الحوار السياسي في ظل وجود رئيس تم انتخابه لولاية جديدة لمدة أربع سنوات؟ يمكن أن توفر مثل هذه الحوارات منصة للمصالحة الوطنية، وخاصة إذا كانت هناك قضايا تتطلب تسوية أو توافق. كما يمكن للحوار أن يساعد في بناء الثقة بين الحكومة والمواطنين، مما يسهل تنفيذ السياسات الجديدة ويعزز الاستقرار الاجتماعي.
الأمر الآخر الذي ينبغي أخذه في الحسبان هو أن الحوار السياسي لا يقتصر فقط على معالجة الأزمة، بل يمكن أن يكون وسيلة لتعزيز الديمقراطية. إذ يمكن أن يسهم في خلق بيئة سياسية صحية تعمل على تشجيع النقاش وتعدد الآراء، وهو أمر ضروري لتحقيق التنمية المستدامة.
ومع ذلك، يبقى التساؤل حول ما إذا كانت هناك نية حقيقية من قبل الحكومة للتفاعل مع قوى المعارضة وأصحاب المصلحة بشكل شامل. فالحوار يتطلب شجاعة سياسية ومرونة، وهو ما قد لا يكون موجودًا في بعض الأحيان، خاصةً عندما يكون هناك شعور بالاستقرار النسبي.
في النهاية، يجب أن ندرك أن الحوار السياسي ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو آلية حيوية لتحقيق التوازن السياسي والاجتماعي. إن كانت هناك رغبة حقيقية في التغيير، يجب أن يتبع الحوار بإجراءات فعلية تؤدي إلى تحسين الأوضاع. لذلك، فإن المسؤولية تتحملها الحكومة وكذلك المجتمع المدني وأطياف المعارضة، فالتغيير والتنمية يتطلبان جهوداً مشتركة من جميع الأطراف.