آراء
الفنان السوري فريد حسن ..مواقف لاتنسى في موريتانيا . الرجال مواقف !(ح2)
الشخصية الثانية: المرحوم الفنان سيمالي ولد همد فال :
في اليوم التالي للقاء البيضاوي المطول وعلى طريقة البيضاوي الديناميكية والتي ذكر لي فيها وجود عود وحيد في موريتانيا عند فنان درس في العراق واحضر معه عوداً من هناك , قال البيضاوي هيا بنا نذهب من أجل إحضار العود , توجهنا إلى بيت سيمالي الذي لم يكن يبعد عن الفندق أكثر من مسير خمس دقائق في البلوكات التي تقع خلف بناء أفاركو الحالي (بناء أفاركو الذي لم يكن موجوداً بعد , حيث كان مكان الفندق ساحة ترابية ) ,
وصلْنا وقرعنا الباب وخرج لنا أحد الأولاد – سأله البيضاوي عن سيمالي فقال له هو في الداخل , طلبنا منه حضوره , فحضر وسلّمَ علينا ودعانا للدخول , دخلنا وعرَّفَنا البيضاوي على بعض , وبعد حديث عن ظروف دراسته في بغداد , وزيارته لدمشق خلال وجوده في العراق وحدثني رحمه الله عن رحلة دراسته هناك ,
وحدثته عن رحلتي الحالية إلى موريتانيا ,حديث تعددت جوانبه , عن الفن في موريتانيا والفن العربي وضرورة عمل شيء ما لتطوير الفن في موريتانيا , ليلحق بالفن العالمي وكانت وجهة نظره رحمه الله متطابقة مع وجهة نظري !
ونسينا أنفسنا ونسينا الوقت وحان وقت الغداء , إذ بمائدة عليها ( كيب وجن ) أو (مارو الحوت ) وما نسمي شبيها له في اللاذقية في سورية بالصيادية , وكانت تلك المرة الأولى التي أتناول فيها هذه الوجبة في موريتانيا , وأُغْرِمْتُ بها وصار أصدقائي يعرفون مدى حبي لها , تغدينا ثم شربنا الشاي الأخضر , وكان البيضاوي قد أخبره بأننا جئنا نطلب منه أن يُعيرَنا العود لحين إحضار عودي من سوريا !
أخذنا العود واتجهنا إلى الفندق وعزفنا وغنينا , وعزفت عليه في حفلة الرشيد التي ورد ذكرها في صفحة البيضاوي , وحفلة الاكصر, وفي تلحين وغناء الأغنية الخالدة كرسك ياغلانه وتسجيلها في الإذاعة مع غنائي وديمي معاً , وبعد ذلك تلحين أغنية دوم يا الله التي غنتها معي ديمي أيضاً , وأغنية انت موريتانية وأنا من حلب والتي غنتها معي ديمي في حفلات عديدة , ثم لحنت نشيد كتائب موريتان , ونشيد أفريقيين وعرب لتنين كلمات المرحوم محمدن ولد سيدي إبراهيم من ألحاني وغنائي يرافقني في الغناء كل من المرحومة المحجوبة بنت الميداح والفنان الكبير سدوم ولد ايده , وابنتا المحجوبة تكيبر ومنت ابنُ , لحنت بذلك العود أيضاً أغنية عَيَبْت اللي نقصد التي غنتها معي المرحومة المحجوبة , ثم غيَّرْنا كلماتها بعد عدة اشهر ليصبح اسمها بالي حالف يمين ما يغفر لحبيبه , إذاً : جميع هذه الأغنيات لحنتها بهذا العود , جزاك الله خيرا ورحمك وغفر لك أيها الرجل الشهم !
إضافة إلى سهراتي الليلية تقريباً مع أصدقائي في صالونات نواكشوط لان زوجتي وأولادي لم يكونوا قد أتوا بعد , لقد رافقني ذاك العود في زيارات قمت بها الى تيكنت وعرس في روسو , رافقني في سهرة لقاء الجمهور الذي كان لقائي الأول بجمهوري الحبيب في موريتانيا والذي نُقِلَ على الهواء مباشرة ؟
جزاك الله كل الخير أيها الرجل الشهم الطيب المتواضع الفنان المبدع , هكذا أقول شكراً لك – يا من لولاه كان من الممكن أن لا يكون كل ما يتعلق بالفن أن يحصل , وخاصة بعد حضور أسرتي لأنني لن أمتلك الوقت والحرية مع واجب الإشراف على تربية الأولاد والقيام بالأعباء الأسرية وفي بلد يحتاج إلى جهود كبيرة حتى يتأقلم المرء فيها ؟
شكراً لهذا الإنسان الكريم الطيب المتواضع – رحمك الله وغفر لك وأسكنك فسيح جناته يا صديقي سيمالي .
