هيئة الفتوى تؤكد: التحايل للحصول على تمويل المشاريع الوهمية حرام شرعًا ويُعد تعديًا على المال العام
أصدرت هيئة الفتوى والمظالم اليوم الفتوى رقم 642/م.أ.ف.م (088/023م)، بشأن حكم المال المتحصل عليه من تمويل تعاونية زراعية وهمية، حصل عليه بعض الأشخاص بعد وفاة من قدّم الطلب الأصلي، مؤكدةً أن هذا المال يُعتبر من المال العام الواجب رده إلى المؤسسة المعنية.
وجاء في نص الفتوى أن المال العام «ما كان مرصودًا للنفع العام دون أن يكون مملوكًا لشخص معين»، وله حرمة عظيمة في الإسلام، مشيرة إلى أن أخذه بالاحتيال أو الرشوة يُعد خيانة وغُلولًا محرّمًا شرعًا.
واستشهدت الهيئة بقول الله تعالى:
> ﴿وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ…﴾ [آل عمران: 161]
كما استدلت بحديث النبي ﷺ:
> «لا أُلفينَّ أحدَكم يوم القيامة على رقبته شاةٌ لها ثغاء…» [رواه البخاري ومسلم]
وختمت الفتوى بالتأكيد على أن كل تمويل أو منحة أُخذت بناءً على وصف غير صحيح أو ادعاء كاذب، تعد مالًا محرمًا يجب إرجاعه فورًا إلى الجهة التي صدر منها.
نص الفتوى
بسم الله الرحمن الرحيم
الفتوى رقم: 642/ م.أ.ف.م (088/023م)
الموضوع: في حرمة التحايل للحصول على تمويل المشاريع الوهمية، والتعدِّي على المال العام
السؤال: رجل اتصل بمؤسسة عمومية بغية الحصول على تمويل لتعاونية زراعية، وقبل حصول التمويل توفاه الله تعالى، ثم خرج التمويل بعد ذلك، والتعاونية هذه وهمية لا حقيقة لها فما حكم هذا المال؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه؛
أما بعد: فإن هذا المال المذكور يجب ردُّه إلى المؤسسة التي أُخِذَ منها، بواسطة مخالصة تسديد في حسابها فهو مالٌ عامٌّ، وهو (المال العام) ما كان مرصودا للنفع العام دون أن يكون مملوكا لشخص مُعَيَّن وله في الإسلام حرمة عظيمةٌ، ولا يجوز أخذُه بالاحتيال والرشوة ونحوِهما، فذلك من الخيانة والغلول المحرَّم، قال تعالى:﴿ وَمَنْ يَّغْلُلْ يَاتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ اَ۬لْقِيَٰمَةِۖ ثُمَّ تُوَفّ۪يٰ كُلُّ نَفْسٖ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَۖ ﴾[آل عمران، 61].
وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلّم قال: “لا أُلفيَنّ أحدَكم يومَ القيامة على رقبتِه شاة لها ثغاء على رقبته فرس له حمحمة يقول يا رسول الله أغثني فأقول: لا أملك لك شيئا… إلخ” [صحيح البخاريّ 3073، ومسلم 1831].
وقد نص الفقهاء على أن من وهب له مال لظن وصف به إذا لم يكن متصفا بذلك الوصف تحرم عليه تلك الهبة، قال في الكفاف:
ولا يفيته مجرد تأن وامنـع على الموهوب ما يعطى لظن
وصف بعلم مثلا أو بشرف أو حاجة ولم يكن بهـا اتصـف
وخلاصة الفتوى: أن هذا المال مال عام يجب رده إلى الجهة التي أعطته على سبيل الاحتيال لتصرفه على مستحقه.
والعلم عند الله تعالى.