تحليل: محادثات وقف إطلاق النار: سياسة شراء الوقت في مواجهة الواقع المتفجر في غزة ..بقلم / أحمد العالم
.
تتواصل المباحثات حول وقف إطلاق النار في ظل الوضع الراهن في غزة، حيث تتعرض السكان المدنيون لمجازر دامية تحت وطأة التصعيد العسكري. وتحمل هذه المباحثات على عاتقها العديد من الرسائل السياسية، إلا أنها تظل بعيدة كل البعد عن المعاناة الحقيقية التي يعيشها أهل غزة. في هذا التحليل، سنستعرض الدوافع الحقيقية لهذه المباحثات وأثرها على تطورات المنطقة.
*. محاولة لشراء الوقت*
تحمل السياسات المنعقدة بروح المساومة والتحاور بعدًا استراتيجيًا يتجاوز مجرد إيقاف الأعمال القتالية. فهي تعكس رغبة القوى الكبرى، وبالتحديد الولايات المتحدة الأمريكية، في إطالة أمد المناقشات لتجنب إعلان موقف رسمي يتولى إدارة الأزمة بشكل فوري. يُظهر هذا السلوك تجاهلاً صارخًا للحياة الإنسانية وتبعات العدوان؛ حيث تظل المجازر تتواصل بينما تُدار المباحثات في الغرف المغلقة.
*2. اللعب على وتر التوترات الإقليمية*
تترافق هذه المباحثات مع توترات متصاعدة مع إيران وحزب الله، حيث يُنظر إلى هذا الوضع كفرصة لتنفيذ استراتيجيات تُقلص من نفوذ كلا الطرفين. يبدو أن هناك سعيًا لتأخير أي رد فعل من جانبهم، مما يسمح لإسرائيل والولايات المتحدة بالتحرك بشكل أكثر هجومية، دون مواجهة عواقب التصعيد المحتمل. وهذا يطرح تساؤلات حول نية القوى الكبرى في تحقيق الاستقرار في المنطقة من عدمه.
*3. الهدف من المباحثات: حماية إسرائيل*
عند تحليل سياقات هذه المباحثات، يتضح أن الهدف الأساسي هو حماية إسرائيل من مواجهة إقليمية أوسع. فبدلاً من البحث عن حلول سلمية حقيقية تضع حداً للاعتداءات وتأمين حقوق الفلسطينيين، تتجه الأنظار نحو كيفية تفادي الصدامات التي قد تؤدي إلى تصعيد عسكري شامل. إن هذا النهج يعكس أولويات القوى الكبرى والتي غالبًا ما تأتي على حساب سلامة وأمن المدنيين في مناطق النزاع.
*4. النتيجة المحتملة*
يبدو أن هذه المباحثات تهدف إلى معالجة الأعراض دون الجذور. فالزخم الإقليمي المتزايد، والتوترات بين القوى العظمى، والمجازر المستمرة تبقى تؤشر على خطر التصعيد. وفي الوقت الذي تُعقد فيه المحادثات، يستمر الألم والفوضى في غزة، مما يعكس فجوة كبيرة بين السياسة والواقع.
*وخاتما*
إن المباحثات حول وقف إطلاق النار، رغم ما قد تبدو عليه من أهمية نظرية، تظل مجرد محاولة لشراء الوقت والتلاعب بالتوترات الإقليمية. فالحاجة الملحة الآن هي إلى عرّابة تتعهد بحقوق الإنسان وتضع حداً للعدوان بدلاً من التركيز على حماية المصالح السياسية الضيقة. إن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا عندما تُعطى الأولوية للعدالة الإنسانية بدلًا من السياسة العسكرية.