جناح الحالات المستعجلة الحديث بمركز استطباب النعمة.. وفاءٌ لروح الدكتور وافي سيدي ببكر وبصمة إصلاحية لمدير المرحلة سيداتي ولد أعمر جودة

شهد مركز استطباب النعمة الجهوي، صباح الاثنين 4 أغسطس 2025، حدثًا صحيًا مفصليًا تمثّل في تدشين التوسعة الحديثة لجناح الحالات المستعجلة، المجهّز بأحدث الأجهزة والمرافق، تحت إشراف مباشر من المدير العام الدكتور سيداتي ولد أعمر جودة، وبحضور رسمي رفيع تقدّمه والي ولاية الحوض الشرقي، والعمدة، وحاكم المقاطعة، وقادة الأجهزة الأمنية، ولفيف من الوجهاء والمهتمين بالشأن الصحي.
هذا الافتتاح لم يكن مجرّد بروتوكول إداري، بل كان إعلانًا عن ولادة جديدة للمستشفى الذي تحوّل من هيكل إداري جامد إلى صرح طبي نابض بالحياة، وذلك ضمن مسار الإصلاحات الوطنية في القطاع الصحي، تنفيذًا لتوجيهات فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وبتناغم مع رؤية معالي وزير الصحة لترقية البنى التحتية وتحسين جودة الخدمات.
وفاءٌ لرجل العطاء
في لفتة إنسانية راقية، أطلق الدكتور سيداتي ولد أعمر جودة اسم المدير السابق للمركز، الدكتور وافي سيدي ببكر، على هذا الجناح، تخليدًا لذكراه وتقديرًا لمسيرته المضيئة. فقد كان الفقيد، كما وصفه الكاتب والطبيب سيد الخير ولد اخليهن، “إنسانًا خيّرًا، خدوماً، بشوشًا، خلوقًا، متواضعًا، رحيماً، عاقلاً، مصلحًا، متعاونًا”، ورمزًا للإخلاص والإنسانية في الوسط الطبي. وبذلك، سيظل اسمه محفورًا على جدران المستشفى وقلوب كل من عرفه أو استفاد من عطائه.
بصمة قائد إصلاحي
الدكتور سيداتي ولد أعمر جودة لم يكتفِ بمجرد الحفاظ على إرث الفقيد، بل انطلق برؤية إصلاحية بعيدة المدى، قوامها الانضباط، الجودة، واحترام المريض. ففي زمن التراخي، رفع راية الصرامة الإيجابية، وفي بيئة التسيّب، أرسى ثقافة العمل الجاد والنجاعة.
الجناح الجديد ليس توسعة إسمنتية عابرة، بل منشأة تضاهي أرقى مستشفيات العاصمة، تضم تجهيزات متقدمة وكوادر مدرّبة، وتوفّر بيئة استشفائية تراعي الكرامة الإنسانية للمريض والمرافق على حد سواء. وحتى خدمات المستلزمات الأساسية التي أُنشئت بالموازاة، جاءت بأسعار مدروسة لتخفيف العبء عن المواطنين، في انسجام مع البعد الاجتماعي لرسالة المستشفى.
شهادة ميدانية على التحوّل
يكفي أن تمرّ في أروقة المركز لتسمع شهادات المرضى والمرافقين عن الفارق الكبير بين الأمس واليوم. فمن الشكوى إلى الفخر، ومن الفوضى إلى الانضباط، تحوّل مركز استطباب النعمة في عهد الدكتور سيداتي إلى مؤسسة تُدار بعقل الدولة وروح الخدمة العمومية.
إن ما تحقق اليوم ليس إلا حلقة في سلسلة من التحولات النوعية التي يعيشها المستشفى منذ تسلّمه إدارة المركز، حيث شملت الإصلاحات إعادة التأهيل الشامل، وتطوير البنية التحتية، ورفع كفاءة الطاقم البشري، بما جعل المستشفى نموذجًا يُحتذى به على مستوى الشرق الموريتاني.
عهدٌ سيذكره التاريخ
لقد أثبت الدكتور سيداتي ولد أعمر جودة أنه ليس مجرد مدير، بل مهندس تحول، ورجل مرحلة صحية بامتياز. عهده لم يكن محطة عبور عابرة، بل نقطة انعطاف حقيقية نقلت المستشفى من دائرة “الممكن المؤجَّل” إلى واقع ملموس، تُدار فيه المرافق بروح الانضباط، وتُقدَّم فيه الخدمة الطبية بمعايير تليق بالإنسان الموريتاني.
وفي هذا اليوم المميّز، يقف اسم الدكتور وافي سيدي ببكر شامخًا على مدخل الجناح، لتلتقي رسالة الوفاء مع إنجاز الإصلاح، ويجتمع الماضي المشرف مع الحاضر الطموح، في صفحة جديدة من المجد الصحي بمركز استطباب النعمة.
—
📜 شاهد من القلب
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
عزاء من القلب إلى أسرة المرحوم وافي سيدي ببكر.
من صميم القلب، من جرحه النازف، ومن دموع الحزن، جاءت هذه الكلمات تعبيرًا صادقًا عن ألم ومحنة ومأساة. هكذا طلع الظلام بكل أشكاله وألوانه عندما غاب الرجل، بعد عمر خالد بالعطاء، تألق فيه وعشق مهنته، وجسد كل معاني الوفاء المتجسدة في اسمه. كرّس حياته للمريض مؤنسًا ومواسيًا ومؤيدًا، لا يعرف الكسل، ولا يعرف سوى الجد والاجتهاد والعمل بما أوتي من عبقرية فذة، وحكمة فريدة، وحس نادر.
كان بشوشًا، لطيفًا، بسيطًا، وإن كانت بساطته تعبيرًا عن معاني العظمة فهي اللباقة والكياسة والتواضع العلمي، والاستماع للآخرين، وحتى في الأزقة والشوارع كان مع الريفي والبدوي والحضري، مع الكل ومن أجل الكل، خدوماً وجذابًا، وقمة في الأخلاق، رسالته الرأفة والرقة وحب التسامح.
رحل الرجل، لكن لن تغيب مآثره، لأنه نهج وفكر وقوة قيادية. أحبه العامة والخاصة، مرضى وممرضون، وكل من عرفه أو جالسه أو حتى سمع به. كان نادرًا في سلوكه، قويًا في عاداته، صبورًا في عمله، محافظًا على عبادته.
ومهما يكن، فقد غاب الجسد، لكن سيبقى وبكل شرف مرسومًا بحبر من ذهب على جدران المستشفيات الشرقية، ومحفورًا في قلوب سكانها.
كتبه أحد العاملين الوطنيين في المستشفى
—
الإعلامي والناشط السياسي:
AHMED MED GHOULAME