من يحمي من؟ المخدرات في موريتانيا والثراء الفاحش…بقلم /الإعلامي أحمد العالم
تحتل قضية المخدرات ومكافحة تجارتها مكانة بارزة في النقاشات الاجتماعية والسياسية في العديد من دول العالم، ولا سيما في موريتانيا، التي تواجه تحديات متزايدة في هذا السياق. في السنوات الأخيرة، شهدت البلاد تصاعداً في توزيع واستهلاك المخدرات، مما ساهم في زعزعة الأمن الاجتماعي وزيادة مشاعر الإحباط بين الشباب والمجتمعات. ولكن، ما هو الرابط بين هذه الظاهرة الاجتماعية والثراء الفاحش الذي يعكسه البعض في المجتمع؟ وما هي الجهات المسؤولة عن حماية القضية
تشير التقارير إلى أن موريتانيا أصبحت نقطة عبور لتجارة المخدرات، حيث تتجه العديد من الشبكات الإجرامية نحو البلاد كجزء من طرق التهريب. وفي ظل ضعف الرقابة الحدودية، تجد هذه الشبكات فرصاً مثالية للنمو والتوسع. إن تفشي هذه الظاهرة لا يتسبب فقط في تدهور الصحة النفسية والجسدية للشخصيات المعنية، بل يُحدث أيضاً آثاراً اجتماعية واقتصادية سلبية تشمل الأسرة والمجتمع ككل.
بينما تعاني غالبية السكان من صعوبات اقتصادية، يبرز في المقابل فئة محدودة تملك ثروات طائلة يشوبها الكثير من الشكوك حول مصادرها. يُثير هذا التناقض تساؤلات مشروعة حول العلاقة بين تجارة المخدرات وعمليات غسل الأموال، وكيف يمكن لبعض الأفراد المحسوبين على المجتمع أن يحققوا الثراء الفاحش في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها معظم الشعب الموريتاني.
تطرح هذه الظاهرة إشكالية عميقة حول من يتحمل مسؤولية مكافحة المخدرات وحماية المجتمع. هل هي الدولة بمؤسساتها الأمنية والقضائية، أم أن هناك أطرافاً خفية تسهم في تفشي هذه الآفة وتعزز من وجودها؟ تُثير هذه الأسئلة قلق المواطنين الذين يرون سلطات الدولة تتقاعس أحياناً عن مواجهة هذه الظاهرة بشكل جاد، مما يعزز من شعور انعدام الثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة.
يتطلب التصدي للمخدرات جهوداً جماعية من جميع فئات المجتمع، بما في ذلك الدولة، والمدنيين، والأسرة. يجب أن يبدأ العمل من أسس التعليم والتوعية، ويشمل دحض الأنماط السلبية المرتبطة بمخاطر المخدرات. تحتاج الحكومة أيضاً إلى تعزيز سياسات مكافحة المخدرات ودعم التعاون الدولي في هذا المجال.
من خلال معالجة مسألة المخدرات والثراء الفاحش بجدية، يمكن لموريتانيا أن تقضي على هذه الآفة وتتجه نحو مستقبل أكثر أملاً وأماناً. إن حماية المجتمع تبدأ من المسؤوليات الفردية والجماعية، ولا يمكن التغاضي عن وطأة المشكلة التي تعاني منها البلاد اليوم.