أخبارتقارير وتحقيقات

تقرير: يكشف شبهات فساد في صفقة مختبر الشرطة الوطنية الموريتانية

الحدث بوست: كشفت منظمة تُعنى بالشفافية والنزاهة عن معطيات ووثائق جديدة تُشير إلى وجود شبهات فساد مالي وإداري في صفقة إنشاء مختبر تابع للشرطة الوطنية في موريتانيا، وهي الصفقة التي نُشرت بشأنها معلومات أولية من قبل وكالة الأخبار المستقلة قبل أسابيع.

وقالت المنظمة، في تقريرها الاستقصائي، إنها باشرت تحقيقًا ميدانيًا بعد اطلاعها على ما نُشر، من أجل التحقق من صحة المعطيات، مؤكدة أن رئيسها قام بزيارة رسمية إلى تركيا للقاء الأطراف ذات الصلة بالصفقة، حيث تم جمع وثائق ومعلومات أولية تمت مراجعتها والتحقق من مطابقتها للوقائع والتواريخ المذكورة فيها.

وأوضح التقرير أن عملية التحقق أسفرت عن أدلة ومؤشرات قوية تدعم وجود شبهات فساد في الصفقة، التي أبرمت بين الشرطة الوطنية الموريتانية وشركة Genomed البريطانية، المنفذة لمشروع المختبر، بالتعاون مع شركة Omega التركية التي تولت الجانب التنفيذي الميداني.

الأطراف المعنية بالصفقة

الجهة المتعاقدة والمستفيدة: الشرطة الوطنية الموريتانية.

الشركة المتعاقدة: شركة Genomed البريطانية، ويمثلها المدير العام حسين أوغلو.

الشركة المنفذة من الباطن: شركة Omega التركية، ومديرها سليمان كوجيت، الذي أكد في إفاداته للمنظمة أنه لم يتسلّم 30% من مستحقاته، معتبرًا نفسه “ضحية استغلال وتبييض رشاوى” من قبل مدير شركة Genomed.

الوسطاء:

عبد الحميد ديا، مقدم خدمات يتحدث التركية.

أحمد الشيخ، صحفي، لعب دورًا في جلب الشركات إلى موريتانيا.

السني سيد أحمد خيار، دبلوماسي سابق، قدّم نفسه كصديق لوزير الداخلية.

المتلقي الرئيسي للأموال: الوزير السابق سيدي ولد الديدي، الذي قُدم للشركات على أنه يمثل مدير الأمن العام، الفريق مسقارو ولد أغويري.

تفاصيل العملية حسب التحقيق

بحسب إفادة مدير شركة Omega التركية، فقد تم إبلاغ مديري الشركات من قبل الوسطاء بأن وزير الداخلية لم يعارض الصفقة، لكنه أحال الموضوع إلى مدير الأمن العام، ما دفعهم إلى القدوم إلى نواكشوط لاستكمال الإجراءات.

وخلال المفاوضات، طُرح اسم الوزير السابق سيدي ولد الديدي باعتباره الشخص القادر على تمرير الصفقة من داخل جهاز الأمن. وتم الاتفاق مبدئيًا على عمولة بنسبة 10%، لكنها ارتفعت لاحقًا إلى 25% بعد أن أصر ولد الديدي على أن “مدير الأمن لا يرضى بأقل من ذلك”، وفق ما ورد في التقرير.

ولتفادي الملاحظات المالية والرقابية، اعتمدت الشركات آلية تحويل معقدة للأموال:

التحويلات من شركة Genomed (بريطانيا) إلى شركة Omega (تركيا).

تُسحب المبالغ نقدًا وتُرسل عبر صرافة غزلان في تركيا.

تُحوّل إلى دبي عبر مكتب صرافة يديره شخص يُدعى عبدالله.

ثم تُسلّم في نواكشوط إلى سيدي ولد الديدي دون أي إيصالات استلام، بناءً على تأكيدات هاتفية من الوسيط عبد الحميد ديا.

وقد تم توقيع العقد رسميًا بين إدارة الأمن الوطني وشركة Genomed، في حين أظهرت الكشوفات المالية اللاحقة أن الوسطاء حصلوا على مبالغ ضخمة بلغت نحو 1.5 مليون يورو ونصف مليون دولار أمريكي.

الوثائق والأدلة المرفقة

أرفقت المنظمة في تقريرها نسخًا من كشوفات حسابات بنكية وإيصالات تحويلات مالية توثق مسار الأموال بين الشركات والصرافات، منها:

1. ستة كشوف حسابات بنكية تبين التحويلات إلى أسماء الوسطاء أحمد الشيخ والسني سيد أحمد خيار.

2. إيصالات من صرافة غزلان تظهر أسماء المودعين والمستفيدين وتواريخ العمليات.

3. تطابق في المبالغ المسحوبة والمودعة في اليوم نفسه، باستثناء حالة واحدة اختلف فيها اسم الساحب والمودع بسبب عطلة نهاية الأسبوع.

 

وأكدت المنظمة أنها تحتفظ بأدلة إثبات إضافية “غير قابلة للتكذيب”، ستقدمها للقضاء في حال فتح الملف رسميًا.

رد إدارة الأمن الوطني

ووفق التقرير، فقد عقد رئيس المنظمة لقاءً مع نائب المدير العام للأمن الوطني لتسليم نسخة من الوثائق، الذي أكد اطلاعهم على التحويلات البنكية الموجهة للوسيطين أحمد الشيخ والسني سيد أحمد خيار، مبينًا أن لديهما “عقدًا موثقًا يبرر المبالغ المحوّلة”، لكنه أشار إلى أن التحويلات عبر الصرافة تُعد “معطًى جديدًا” ستنظر فيه الإدارة لاحقًا.

ومع ذلك، لم يُتخذ أي إجراء رسمي بعد مرور سبعة أشهر على تسليم الوثائق.

وتوصيات

خلص التقرير إلى أن المعلومات والوثائق التي تم جمعها تشير بوضوح إلى وجود شبهات فساد مالي وإداري خطيرة في صفقة مختبر الشرطة الوطنية.

وأكدت المنظمة أنها ستُحيل كامل الوثائق والمستندات إلى هيئات مكافحة الفساد الوطنية فور اكتمال تشكيلها، كما ستُرسل نسخة منها إلى منظمات أوروبية مختصة بمكافحة الفساد نظرًا لكون شركة Genomed مسجلة في بريطانيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى