آراء

موريتانيا وجديلة التهجير

في ظل التحديات المتصاعدة التي تواجهها دول المنطقة في مجال الهجرة غير الشرعية، برزت الدولة الموريتانية كنموذج يُحتذى في التعامل مع هذا الملف الحساس، من خلال استراتيجية أمنية ناجعة، وحرص مستمر على احترام الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.

وقد أثبتت السياسة الأمنية التي تعتمدها وزارة الداخلية واللامركزية فاعليتها الكبيرة في فرض سيادة الدولة وتطبيق القانون، بالتوازي مع ضمان الكرامة الإنسانية للوافدين والمقيمين. هذه السياسة، التي تمزج بين الحزم والإنسانية، مكّنت من تفكيك شبكات تهريب البشر، وتشديد الرقابة على المعابر، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال.

وفي هذا السياق، من اللافت – بل من المؤسف – أن يتزامن هذا الجهد الوطني المتكامل في مواجهة الهجرة غير الشرعية، مع بروز بعض المواقف المستغربة من شخصيات عمومية ونواب، اختاروا الاصطفاف مع خطابات تبريرية لا تخدم المصلحة الوطنية، بل تتقاطع أحيانًا مع توجهات تضرب جهود الدولة في العمق، وتشوّه صورة البلاد في المحافل الدولية.

فمنذ أيام، وفي أعقاب الزيارة الميدانية التي قمنا بها كأعضاء اللجنة البرلمانية المكلفة بقضايا الهجرة غير الشرعية إلى المراكز المخصصة لإيواء المهاجرين، سجلنا بكل ارتياح ما لمسناه من ظروف إنسانية جيدة وخدمات أساسية محترمة تُقدم للنزلاء، في ظل احترام تام لمعايير الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان.

إن مقاربة الدولة الموريتانية، التي تجمع بين الأمن والبعد الإنساني والالتزام الدولي، تعكس نضجًا مؤسساتيًا ورؤية استراتيجية متقدمة للتعامل مع ملف الهجرة غير الشرعية، ونتطلع إلى تعزيزها بدعم تشريعي مستمر يُواكب التحديات والمستجدات.

كما أن المقاربات الوقائية والتنموية التي تنتهجها الدولة، من خلال خلق فرص للشباب، وبرامج الدعم الاجتماعي، ومحاربة البطالة، تمثل ركيزة أساسية في تجفيف منابع الهجرة غير الشرعية من داخل البلاد.

ويُسجل بارتياح بالغ أن هذا النهج الأمني والحقوقي المتوازن حظي بإشادة العديد من الشركاء الدوليين والمنظمات المختصة، وهو ما يعزز صورة موريتانيا كدولة مسؤولة تحترم التزاماتها الدولية وتعمل بجد لحماية مواطنيها وضيوفها على حد سواء.

إن الوطن فوق الحسابات الضيقة والمزايدات السياسية، وقضايا السيادة والأمن القومي تتطلب الوقوف صفًا واحدًا خلف مؤسسات الدولة، لا التشويش على أدائها أو التقليل من إنجازاتها.

النائب محمد المختار محمد الحسن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى