آراء

محكمة الحسابات… حين تعثّر الخطاب وضاعت الفرصة…بقلم/احمد العالم

في مشهد كان من المفترض أن يعكس أعلى درجات الشفافية والمسؤولية، تحوّل المؤتمر الصحفي الأول لرئيس محكمة الحسابات إلى لحظة ارتباك مؤسسي، رسمت صورة باهتة لمؤسسة رقابية يُفترض أن تكون في طليعة حماة المال العام، وحارسة على نزاهة التسيير العمومي.

إخفاق تنظيمي… في وقت حرج

لم يكن التوقيت عاديًا، فالرأي العام يعيش حالة ترقب وتساؤل حول مصير الملفات الثقيلة التي تمس المال العام، والمواطن ينتظر إشارات قوية تؤكد أن الدولة ماضية في محاربة الفساد. لكنّ طريقة تنظيم المؤتمر الصحفي خيّبت الآمال؛ إذ طغت العشوائية على التحضير، وافتُقِد الحد الأدنى من الاحترافية في التواصل مع الصحافة، وهو ما ترك انطباعًا سلبيًا عن الجدية المفترضة لمؤسسة بهذا الحجم.

خطاب باهت في زمن الوضوح

كان ينتظر من رئيس محكمة الحسابات أن يخرج بخطاب قوي، يحصّن المؤسسة ويزرع الثقة في أدائها، لكن الواقع جاء معاكسًا. لغة مترددة، خالية من الحسم، عرضٌ موجز لتقرير مفصلي، وغياب أي إشارة إلى آليات المحاسبة أو الإجراءات المتخذة ضد المتورطين، ليبدو الخطاب وكأنه تمرين بروتوكولي أكثر منه فعل رقابي يُبنى عليه.

الشارع لا يحتاج إلى تقارير صورية، بل إلى مؤسسات تؤدي أدوارها بفاعلية، وتُشعر المواطن أن هناك من يدافع عن ماله، من يحاسب من يسيء الأمانة. غير أن هذا المؤتمر لم يفعل سوى تعميق الهوة بين المواطن والمؤسسات، وطرح أسئلة مقلقة: هل تخشى محكمة الحسابات المواجهة؟ أم أنها تتحرك ضمن هوامش مرسومة سلفًا؟

الشارع لا يحتاج إلى تقارير صورية، بل إلى مؤسسات تؤدي أدوارها بفاعلية، وتُشعر المواطن أن هناك من يدافع عن ماله، من يحاسب من يسيء الأمانة. غير أن هذا المؤتمر لم يفعل سوى تعميق الهوة بين المواطن والمؤسسات، وطرح أسئلة مقلقة: هل تخشى محكمة الحسابات المواجهة؟ أم أنها تتحرك ضمن هوامش مرسومة سلفًا؟

إصلاح الصورة يبدأ من الشفافية

كي تعيد محكمة الحسابات تموضعها كجهاز مستقل وقوي، عليها أن تراجع أدواتها الاتصالية، وتخرج من قوقعة التقارير المغلقة إلى فضاء الشفافية التامة، وعليها أن تدرك أن المصداقية لا تُمنح، بل تُكتسب بالفعل والتجرد والجرأة. كما أن على السلطة التنفيذية أن تُظهر جدية في تفعيل مخرجات التقارير الرقابية، لا أن تتركها حبيسة الأرشيف أو جزءًا من لعبة التوازنات.

وفي النهاية، لم يكن المؤتمر مجرد فرصة ضائعة، بل جرس إنذار لمؤسسة في حاجة إلى إعادة بناء ثقة المواطن بها… ثقة لا تبنى بالتصريحات، بل بالأفعال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى