بقلم أحمد العالم/ تأثير أداء ترامب على السياسات الأمريكية وعلاقتها ببايدن
في ضوء الأحداث السياسية الراهنة، من المفارقات على أداء الرئيس السابق دونالد ترامب، والذي رغم قوته المحتملة، قد يؤدي به إلى مواصلة نهج الرئيس الحالي جو بايدن بدلاً من إحداث تغييرات حقيقية على السياسة الخارجية الأمريكية. إن هذه الظاهرة تستدعي وقفة تحليلية لفهم السياقات المعقدة التي تواجهها السياسة الأمريكية اليوم.
قبل كل شيء، يجب الاعتراف بأن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على التحكم في جميع الأحداث العالمية كما كانت في الماضي. التحولات الجيوسياسية، ظهور قوى جديدة على الساحة الدولية، والاعتماد المتزايد على الهياكل الاقتصادية العالمية يعني أن واشنطن لم تعد اللاعب الوحيد المؤثر. في الحقيقة، تتصرف الولايات المتحدة الآن ضمن إطار من الظروف والعراقيل التي تفرضها الأحداث العالمية.
كما يشير التحليل، فإن قدرة الرؤساء الأمريكيين على تحديد مسار البلاد بشكل مستقل، وخاصة في الشأن الخارجي، أصبحت محصورة جداً. يتطلب الأمر اعترافاً بأن أي سياسة قد يسعى إلى تنفيذها الرئيس، سواء كان ترامب أو بايدن، يجب أن تتماشى مع ما يمكن أن تتحمله البلاد بالنسبة لقيودها وقدراتها. تاريخيًا، كانت السياسة الخارجية الأمريكية تتمتع بمرونة أكبر، لكن الآن، يبدو أن هذه المرونة قد تقلصت أمام التحديات الجديدة.
يُحتمل أن يسعى ترامب، في حال عودته للعمل السياسي، إلى تعزيز بعض العناصر التي أثارها بايدن، مثل التعامل بحذر مع حلفاء تقليديين ومنافسين، لأنه يدرك أن تجاوز السقف الحالي للقدرات الأمريكية قد يضع البلاد في مواقف صعبة تؤثر على موقفها في العالم. إن أي محاولة لتعزيز الهيمنة الأمريكية قد تواجه مقاومة قوية ليس فقط من داخل الولايات المتحدة، ولكن أيضًا من قوى دولية تتنافس على الهيمنة.
بالتالي، من العجيب أن نرى كيف أن قوة ترامب المحتملة لا تعني بالضرورة تحولاً جذريًا عن مسار بايدن، بل قد تؤدي، بدلاً من ذلك، إلى استمرارية وتوافق ضمن السياقات المعقدة التي تحكم المصالح الأمريكية. في عالم متغير ومعقد، يبدو أن المستقبل السياسي للولايات المتحدة يتجه نحو صياغة استراتيجيات أكثر توازناً وواقعية تتماشى مع الواقع الدولي المتغير. إن هذه الديناميات ستظل تشكل تحدياً أمام أي رئيس أمريكي جديد، مما يجعل التوجه نحو سياسات مدروسة ومتوازنة هو الخيار الأكثر حكمة للتحرك قدماً.