آراء

الفساد في موريتانيا : الابعاد والمخاطر..بقلم / أحمد العالم

 

تمت الإشارة إلى مخاطر الفساد على التنمية في الدول الإفريقية، في تقرير مشترك للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي عام 1989، حيث نبه هذا التقرير إلى أنه لا أمل للتنمية في إفريقيا ما دام الفساد منتشرا فيها، وموريتانيا من ضمن عشر دول هي الأكثر فسادا على المستوى الإفريقي، رغم أنها اطلقت استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد عام 2014 وشكلت لتنفيذ تلك الاستراتيجية، لجنة وطنية مكلفة بمكافحة الفساد، كما تعززت تلك الخطوات بإصدار قانون لمكافحة الفساد 2016، ومع كل ذلك فإنها ما زالت في ذيل قائمة منظمة الشفافية الدولية ضمن الدول الاكثر فسادا على المستوى العالمي، حسب تقرير المنظمة لعام 2018 ، الذي احتلت فيه موريتانيا الرتبة 144، من 188 دولة شملتها ذلك التقرير، وهذا الفساد المستشري، هو الذي أكدته تقارير محكمة الحسابات الموريتانية، التي نشرتها في نهاية 2019، وتغطي هذه التقارير الفترة الممتدة من 2007 إلى 2017.
إن حجم الفساد الذي تشهده موريتانيا، هو الذي يفسر المفارقة العجيبة:” شعب فقير في بلد غني بالثروات”، ذلك أن المتأمل في الأوضاع الموريتانية المختلفة، خاصة في أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والإدارية والثقافية ، يلاحظ أن معاناة الإنسان في هذا البلد لا مبرر لها، وأن المؤشرات التنموية لا تتناسب مع حجم الثروات الكبيرة المتاحة،
غير أن البحث عن إجابة مقنعة تفسر تلك المفارقة، يقود حتما إلى ما قدمته تقارير التنمية الإنسانية العربية، التي تعتبر أن الفساد السياسي هو الأكثر وطأة على التنمية في المنطقة العربية، لارتباط ذلك بانتشار الفساد المالي والإداري، وغياب الشفافية في إدارة الشأن العام، حيث أظهرت تجربة التنمية في هذه المنطقة من العالم ، أن الفساد الأخطر، هو الفساد المرتبط بالحكم والفاعلين السياسيين، لأن الفساد يزيد ويتسع نطاقه بقدر ارتباطه بنظام الحكم أو بالنخبة السياسية الحاكمة في هذه الأقطار، لأن الفساد الذي من شأنه أن يوقف التنمية أو يقضي عليها تماما، هو ذلك الفساد المرتبط بالحكم ودوائره، وحينما يتم استئصال هذا النوع من الفساد والقضاء عليه نهائيا، فإن الأنواع الأخرى منه قد لا يكون لها نفس التأثير على المسار العام للتنمية، وهذا النوع من الفساد، ينتشر اليوم في موريتانيا، حيث اصبح الفساد فيها، فسادا بنيويا لحجم انتشاره أفقيا وعموديا.
فالفساد يرتبط برغبة الإنسان في الحصول على مكاسب مادية أو معنوية يعتقد في قرارة نفسه، انه ليس له حق فيها ومع ذلك يسعى إليها ، عن طريق الرشوة أو المحسوبية أو الواسطة أو اختلاس المال العام وغيرها، والفساد عموما هو: ( إساءة استعمال السلطة الموكلة لتحقيق مكاسب خاصة )، حيث تميزت منظومة الحكامة التي خضعت لها موريتانيا خلال الستين سنة الماضية، ” بانعدام الرؤية الاستراتيجية وعدم نجاعة السياسات التنموية وشيوع الهدر وتبديد الموارد الطبيعية “. والنتيجة الإجمالية المترتبة على ذلك هي مشهد اقتصادي واجتماعي حالك ومؤشرات متدنية على كافة المستويات.
أولا : مراحل تطور انتشار الفساد في موريتانيا تاريخيا.
أشار أغلبية الكتاب والمؤرخين الذين مروا أو أقاموا بالمجتمع الذي كان يسكن الفضاء الجغرافي المحتضن حاليا للدولة الوطنية الموريتانية، بداية بابن بطوط مرورا بالبكري وصولا إلى ريني كايي، إلى انواع من ممارسات الفساد الاجتماعي والديني، لفتت انتباههم، لكن المحطة الأهم في تطور الفساد المنتشر حاليا في موريتانيا، تبدأ مع الفترة الاستعمارية، لتنتقل من فساد محدود في فترة الحكم المدني إلى فساد معمم في ظل حكم العسكر، ليتحول في العقد الاخير من حكم العسكر إلى نهب منظم .
أ : الفساد في الفترة الاستعمارية 1900-1960
ظهر الفساد في الزمن المعاصر في موريتانيا قبل قيام الدولة الوطنية، مع مجيء الاستعمار الفرنسي، عبر ممارساته المباشرة وممارسة أعوانه:
1- يمكن اعتبار كل ممارسات الاستعمار فسادا لما يصاحبها من ظلم وقهر لساكنة الأرض الأصليين.
2- قام الاستعمار في كثير الحالات بدفع أعوانه إلى ممارسة الفساد عبر تسليطهم لأنواع الظلم على الاهالي، جعل أولئك الأعوان في خوف دائم من انتقام المجتمع ليضمن الاستعمار ولائهم، بوصفه هو الحامي لهم ولمصالحهم .
3- قيام بعض أعوان الإدارة الاستعمارية بممارسة الفساد، عبر التحايل على العشرات التي يجبونها من الأهالي، وكذلك التحايل على أموال المستعمر باعتبارها أموال كفار حلال عليهم .
ب : الفساد في العهد المدني 1960- 1978.
في ظل حكم الرئيس الراحل المختار ولد داداه، بقي الفساد محدودا ونادر الحصول، وذلك لجملة أسباب:
1- عفة الرئيس المختار وزهده في المال وبعده عن الشبهات.
2- قلة الموارد المالية لدى مؤسسات الدولة .
3- صرامة الرئيس المختار ولد داداه في تسيير الدولة والحرص على تطبيق القانون، مع شدة العقوبات التي يسلطها على من يعتدي على المال العام، لهذه الاسباب ظل الفساد محدودا وهامشيا، لكن في نهاية حكمه بدأت تظهر حالات من الفساد، وذلك لسببين: السبب الأول هو ظاهرة الإسعافات التي بدأ توزيعها مع محنة الجفاف في نهاية ستينيات القرن الماضي، بأشراف حكام المقاطعات وممثلي حزب الشعب، وقد صاحب توزيع الاسعافات بعض ممارسات الفساد، أما السبب الثاني لظهور الفساد في موريتانيا، فحملته حرب الصحراء معها، بقيام بعض القادة العسكريين، بالتحايل على مشتريات الأسلحة ونفقات الجيش، نتيجة هشاشة البنية الإدارية داخل الجيش، مما ساهم في ظهور حالات من الفساد، حيث يذكر الرئيس الراحل المختار ولد داداه، في مذكراته، أنه خلال اجتماعه مع بعض ضباط المؤسسة العسكرية، قال لهم بلغة تحذيرية، إنه لن يتساهل مع أي نوع من انواع الفساد، وأن هذا التحذير كان من الأسباب التي عجلت بالانقلاب العسكري على نظامه في العاشر من يوليو 1978.
ج : الفساد في ظل الحكم العسكري 1978 – 2019.
لقد انتشر الفساد بسرعة في موريتانيا مع وصول ضباط المؤسسة العسكرية للسلطة، حيث عم مختلف جوانب الحياة العامة، واصبح فسادا معمما يغطي كل مظاهر الحياة، ويمكن تقسيم مراحل تطوره إلى ثلاث فترات متداخلة ومتباينة في نفس الوقت، وهي كما يلي:
1- المرحلة الأولى 1978 _ 1991.
وتبدأ هذه الفترة باستلاء ضباط الجيش على السلطة وصولا إلى انطلاق ما عرف المسلسل الديمقراطي، مع عقد التسعينيات من القرن العشرين، وقد تميزت هذه الفترة بالفوضى العارمة في مختلف مرافق الدولة وبسرعة انتشار الفساد، لكن الفساد في هذه الفترة لم يكن منظما، وإنما تمثل في قدرة كل مسؤول على السيطرة على ما تحت يده من أموال عمومية، والتمكين لأقاربه ومقربه من الاستلاء على مقدرات الدولة دون وجه حق، بطرق المحسوبية والزبونية والمحاباة، مع انتشار الرشوة وخيانة الأمانة، إلا أن الملاحظ أن الفساد في هذه المرحلة لم يكن منظما .
2- المرحلة الثانية 1991- 2005:
بدأت هذه المرحلة مع الانفتاح الديمقراطي الذي دشنه معاوية ولد سيد احمد الطايع سنة 1991، في هذه الفترة انتشر الفساد وأصبح فسادا بنيويا معمما في مختلف مجالات الحياة، تشرف عليه السلطة الحاكمة وتوجهه لخدمة بقاء رأس النظام في السلطة والعمل على ترويج شعاراته، و في هذه الفترة كان النظام الحاكم، يقوم بإفساد عمال الدولة و موظفيها السامين، بكامل وعيه وإرادته، بغرض امتهان كرامتهم ومن اجل ضمان ولائهم لحكمه، الأمر الذي أدى إلى توظيف أموال الدولة ومقدراتها في الفساد، خدمة لبقاء الرئيس في السلطة، وقد تخلل هذه المرحلة قوس، وهو الفترة القصيرة التي قضاها الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله، ما بين 2007 -2008، التي تعتبر بمثابة الاستثناء الذي يثبت القاعدة.
3- المرحلة الثالثة 2008-2019.
وهي الفترة التي تغطي العشرية الأخيرة، وقد تميزت هذه المرحلة، بأن الفساد تجاوز كل المحظورات، وتحول من فساد معمم إلى نهب منظم، يشرف عليه رأس النظام، حيث أصبحت كل أجهزة الدولة ومسؤوليها أدوات في خدمة الفساد والنهب، وهنا اصبح الوصول إلى السلطة والتمسك بها، الهدف منه الاستلاء على جميع مقدرات الدولة، بغرض جمع المال والثروة.
وقد شجع الفساد في موريتانيا، اقتصاد الريع، ريع الثروة السمكية وريع الثروة المعدنية والتمويلات الدولية التي تحولت مع الوقت إلى مشجع للفساد، لكن العوامل الأكثر تأثيرا في انتشار الفساد في موريتانيا واستمراره في الزمن، هي، عدم فصل السلطات وبالتالي تمركز السلطة في يد شخص واحد، وقديما قيل : (السلطة المطلقة مفسدة مطلقة)، فتبعية المؤسسات الرقابية للقرار السياسي يضعف من دورها، مما جعل ما هو موجود من تلك المؤسسات ضعيفا وغير فعال، إلى جانب انعدام رأي عام يهتم بالشأن العام، والذي تخلقه عادة وسائل الإعلام المستقلة والواعية برسالتها، الأمر الذي افضى إلى غياب الرقابة المجتمعية، مما جعل الفساد يتطاول خلال العقود الاربعة الماضية، ويؤدي إلى القضاء على الدولة معنويا، عبر تآكل صورتها داخليا وخارجيا، مع تحطيم ما كان موجودا من مؤسساتها على هشاشته

ثانيا : خصائص الفساد في موريتانيا.
من خصائص الفساد في موريتانيا :
1- أنه أصبح فسادا معمما، تنخرط فيه أغلبية فئات المجتمع، ويشمل كل مظاهر الحياة من تعيينات ومسابقات ووظائف ويغطي كل الحقول بما فيها الحقل الديني، لكن الأخطر في كل ممارسات الفساد في موريتانيا، هو أنه أصبح ممارسة عادية ولا تلفت الانتباه، بل أن رموزه صاروا هم علية القوم ونخبة المجتمع، ويتم الاحتفاء بهم اينما حلوا ويتصدرون واجهة المشهد الاقتصادي والثقافي والسياسي.
2- أن الفساد في موريتانيا أصبح فسادا بنيويا، ينخر كل مؤسسات الدولة، أفقيا وعموديا وفي كثير من الحالات تتم ممارسته بإشراف وتوجيه من السلطة الحاكمة، كما حصل خلال العقود الثلاثة الماضية، وبالذات في العقد الأخير الذي أداره رأس السلطة التنفيذية مباشرة.
3- أن الفساد في موريتانيا، أصبح فسادا مجتمعيا يرتبط بمنظومة القيم، فالمتابع للوضع الاجتماعي في موريتانيا، سيلاحظ أن المجتمع في هذا البلد يتخبط في أزمة قيم عميقة، قلبت منظومته القيمية رأسا على عقب، حتى صارت سرقة المال العام مساوية للشجاعة والرجولة..
4- افلات ممارسو الفساد في موريتانيا من العقاب، فالتقارير التي تصدرها الجهات المعنية بالرقابة وخاصة محكمة الحسابات لا تتربت عليها أي عقوبات ولا حتى متابعات قضائية.
5- تعطيل عمل الجهات المسؤولة عن الرقابة على تسيير الأموال العمومية ومكافحة الفساد، وبدل ذلك استخدامها بإفراط كأدوات لتصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين، ويستوى في ذلك التعطيل كل من البرلمان ومحكمة الحسابات، مما يجعل الجميع ينتظر مصير تقرير اللجنة البرلمانية الحالية، هل ستكون بداية لتفعيل الرقابة البرلمانية، أم تكون حلقة في مسيرة الإلهاء والتحايل على إرادة الشعب الموريتاني ؟.
مع إحالة تقرير اللجنة البرلمانية إلى القضاء، انتعشت الآمال في أن تكون هذه الخطوة؛ بداية لمكافحة الفساد في موريتانيا، لكن مكافحة الفساد تكون شاملة أو لا تكون.

ثالثا : مخاطر الفساد
جرت العادة أن يوصف الفساد بالخطورة، إذا وصل إلى مجال الممارسة السياسية، لأن الفساد السياسي هو الحاضنة الطبيعية للفساد المالي والإداري، ففساد الممارسة السياسية تفسد بالتبعية كل مجالات الحياة في الدولة.
ففساد الانتخابات الرئاسية يفرز رئيسا فاسدا وفساد الانتخابات البرلمانية ينتج برلمانا فاسدا وفساد الانتخابات البلدية يساهم في صعود عمد فاسدين، فمن يقبل المشاركة في انتخابات يعرف مسبقا، أنها انتخابات مزورة يتم فيها استخدام وسائل الدول والمال الفساد، سيكون بالنتيجة مستعدا لممارسة الفساد في مجال اختصاصه، ومن المعروف في التاريخ السياسي الموريتاني أن أغلبية الانتخابات التي جرت خلال العقود الستة الماضية من عمر الدولة الوطنية، كانت في أغلبيتها انتخابات مزورة بفعل تدخل الادارة السافر من أجل التأثير على نتائجها، وحتى انتخابات 2006 -2007، التي جرت في المرحلة الانتقالية وتعتبر على نطاق واسع استثناء في تاريخ الانتخابات الموريتانية، لم تسلم من تدخل أجهزة الدولة من أجل التأثير على نتائجها.
وخطورة الفساد السياسي لا تنحصر هنا فقط ، بل تتعداه إلى تعطيل النشاط الاقتصادي عبر التدخل في الصفاقات العمومية، بإسنادها إلى الجهات غير المستحقة، مما يحرم البلد من الاستفادة من نتائج المشاريع الكبيرة، التي وضعت أصلا لدفع مسار التنمية في البلاد، وخير مثال على ذلك الاستثمارات الكبيرة في مجال البنية التحتية خلال العقد الأخير، خاصة في مجالي الطرق والكهرباء، والتي ذهبت أدراج الرياح بفعل الفساد، بدليل حجم مديونية الشركة الوطنية للكهرباء التي تتجاوز 197 مليار أوقية قديمة مع استمرار انقطاع الكهرباء المتكرر في العاصمة نواكشوط وانعدامها في الكثير من مناطق موريتانيا، لكن ما حصل مع شركة سنيم هو النموذج الأبرز لما وصل إليه الفساد في العقد الأخير، حيث حققت ما بين 2010 – 2014 ارباحا تجاوزت 800 مليار من الأوقية، في حين تحاصرها الديون في الوقت الحاضر وعلى حافة الافلاس.
فالفساد يقضي على المرتكزات الأساسية للدولة، التعليم والصحة والعدالة و الأمن، الفساد هو الذي دمر التعليم في موريتانيا وجعل نسبة النجاح تحوم حول 10% في السنوات العشرة الأخيرة، والفساد هو الذي جعل قطاع الصحة عاجزا عن مواجهة وباء كورونا ويضطر أغلبية المرضى الموريتانيين سنويا، للجوء إلى دول الجوار بحثا عن العلاج، والفساد هو الذي قضى على العدالة في موريتانيا بجعل الاحكام التي تصدرها المحاكم لا تنفذ، حتى وصل الأمر ببعض الوزراء بالتبجح أمام الجميع، أنه لا ينفذ احكام القضاء، والفساد هو الذي قضى على الأمن وجعل نواكشوط مدينة مستباحة من قبل عصابات الجريمة المنظمة، ناهيك عن انعدام الأمن الإنساني بكل انواعه في موريتانيا، بداية بالأمن الغذائي وصولا إلى الأمن الفكري.
ما حصل من فساد في موريتانيا خلال العقد الأخير، لا يمكن توقع حجمه إلا عبر المعطيات التالية:
• وصول نسبة المديونية إلى 104% من الناتج الداخلي الخام، بعد أن تم إلغاؤها عن موريتانيا في سنة 2007 .
• بقاء نسبة الفقر في موريتانيا، في حدود 47% في المدن و 70% في الأرياف.
• تجاوز نسبة البطالة حدود 31%، وهي النسبة الأعلى في العالم.
• بقاء موريتانيا بلدا متخلفا في كافة مجالات الحياة، تنعدم فيه البنية التحتية ومقومات الحياة لأغلبية الساكنة، حيث توجد في ذيل مؤشرات التنمية في كافة التقارير الدولية، باستثناء مؤشر حرية الإعلام، ذلك أن حجم الفساد الحاصل حاليا في موريتانيا، يستحيل معه التقدم في أي مجال من مجالات التنمية، لأن الفساد يقضي على كل المشاريع الضرورية لتحقيق أهدافها.

رابعا : أنجع السبل لمكافحة الفساد
يعتقد بعض الاوساط اليوم في موريتانيا أن الفساد وصل إلى درجة من التجذر في هذه البلاد، تجعل محاربته ومعالجة أثاره، تحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية من السلطة السياسية الحاكمة، ومع ذلك يبقى دور منظمات المجتمع المدني والنخبة مطلوبا لخلق الوعي بمخاطر الفساد على حاضر ومستقبل موريتانيا، والضغط المستمر على السلطة من أجل العمل على اطلاق سياسة فعالة لمحاربة الفساد، عبر الإجراءات و الآليات التالية:
1- إدماج المحافظة على المال العام والالتزام بمصلحة الشعب والدولة الموريتانية في التربية المدرسية.
2- إيجاد مدونة قانونية تكون واضحة ومتناسقة يمكن تطبيقها بفعالية لمحاربة الفساد.
3- تفعيل مؤسسات الرقابة القبلية والموازية والبعدية مثل محكمة الحسابات.
4- تفعيل الأجهزة القضائية وإعطائها الاستقلالية في مكافحة الفساد.
5- تخليق الحياة العامة .
6- خلق الوعي لدى المجتمع بمخاطر الفساد على الانسجام الاجتماعي وأهداف التنمية.
7- الاهتمام بالموارد البشرية، عبر تحسين الأوضاع المادية والمعنوية لكافة موظفي القطاعات العمومية.
8- اختيار مسؤولي الدولة وموظفي الإدارة العمومية على أساس الكفاء والنزاهة، وفقا لمعايير واضحة وشفافة، والابتعاد عن كل انواع الزبونية والمحسوبية.
9- إعادة هيكلة الإدارة العمومية، وتحويل الإدارة الحالية من إدارة مسار وظيفي إلى إدارة كفاءات .
10- الفصل بين الوظائف السياسية والوظائف الإدارية والفنية.
11- الاستفادة من التجارب الناجحة في محاربة الفساد، مثل تجارب كل من إيطاليا(تجربة الأيادي النظيفة)، رواندا وماليزيا و سنغافورا وكوريا الجنوبية…..
12- ضرورة استغلال كل المنابر لمحاربة الفساد بكل أشكاله مثل المنابر الإعلامية والمنابر الدينية، مع العمل على توجيه منظمات المجتمع المدني والمدونين إلى محاربة الفساد وخلق رأي عام يهتم بحماية المال العام .

في الخلاصة،
ينبغي للنخبة الموريتانية، أن تعي الحقائق التالية:
أنه ما لم يتم تحقيق جدي في ما حصل من نهب في العشرية الأخيرة، والسعي لاسترجاع أموال الشعب الموريتاني المنهوبة ومعاقبة من قاموا بنهب تلك الأموال، لن تقوم لموريتانيا قائمة في المدى المنظور.
وأن خطورة الفساد اليوم في موريتانيا، ليس في تعطيل مسار التنمية في هذه البلاد كما هو حاصل، بل لأن الفساد أصبح يهدد حاضرها ومستقبلها، ويجعل شعبها يخضع للعبودية المعاصرة، الفقر، الجهل، المرض، وبالنتيجة تعميق أثار العبودية التقليدية، التي مازالت تحاصره من كل النواحي، والحصيلة بقاء البلد يدور في حلقة مفرغة من التخلف والبؤس الذي يعيشه منذ قيام الدولة الوطنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى